الاثنين، 21 أبريل 2014
الثلاثاء، 8 أبريل 2014
الأحد، 6 أبريل 2014
التعبئة التنموية
بقلم: رشيد أمشنوك

إن ما عرفته الساحة الفكرية من منهجيات في هذا الإطار، يقتضي
استحضاره لفحصه وتعرية حقائقه، لتأثيل تصور لاحب يجلب ثقة الشعب عندما يحكم كبديل
عن الأساليب الأولى. فأمامنا أسلوبان: أسلوب اشتراكي شيوعي يعتمد على وسائل القسر
والإكراه ونزع الملكية والتخطيط المركزي وإناطة تحديد الأهداف وترتيب الأسبقيات
بالرقابة البيروقراطية، وأسلوب ليبرالي سوقي يقوم على الاقتصاد الحر، ويعتمد على
تعبئة الغريزة الفردية ويتخذها مطية وباعثا وقائدا، فتتسيد بذلك غريزة التملك
والكسب والمغامرة والربح، في أتون المبادرة الحرة، التي لا بديلا عنها لتحقيق
المرامي.
إن هذين الأسلوبين لم تتبث نجاعتهما في الواقع
السوسيواقتصادي، فغرقت معهما الإنسانية غرقا شديدا وشنيعا، وبهذا "تعتبر التعبئة الشيوعية في حقل التنمية مثالا سلبيا
نموذجيا[1]"،
فأدت بذلك كرامة الإنسان ثمنا باهظا حياله، فاغتصبت خيرات الملايين، وكبلت الحريات
دون أن يتحقق أي شيء من الكفاية المعاشية والعدل.
أمام هذا الفشل الذريع الذي منيت به هذه التعبئة
التنموية المبنية على أساس لا يمت للإسلام بصلة، يحق لنا التساؤل عن أسباب ذلك؟
وهل من بديل يجد فيه الإنسان ضالته؟
إن الإسلام لم ينكر يوما حرية العمل، ولا الملكية
الخاصة، والسعي الحثيث نحو تحقيق الأرباح، والتراضي بين المتعاملين، فكل هذا من
أسس اقتصاد السوق، ومن مكونات المبادرة الحرة، لكن هل سيكون البديل الإسلامي نسخة
منقحة من الرأسمالية لا غير؟
شتان ما بين الإثنين، فكل ينحو منحاه وما لهما من ملتقى،
لكن إن كان الوعاء المادي الذي طورته الرأسمالية صالحا ليستعمل من طرف أهل التعبئة
التنموية الإسلامية، و ينقى من كل الآفات العالقة به من ربا ورذيلة وتبذير وعاهة
الغش، فلا بأس في ذلك، بينما إن كانت القابلية وفق المقاسات المذكورة مستبعدة،
فالهوة شاسعة وشساعتها تقتضي الابتعاد، "فالمضمون
الخلقي والهدف المعاشي والوظيفة الحيوية للثروة وللإنتاج والتوزيع في الاقتصاد
الإسلامي تختلف اختلافا جوهريا عن مثيلاتها في الاقتصاد الرأسمالي، اختلافا راجعا
لما يكنه ضمير المؤمنين وسلوك المحسنين
مهما تشابه وعاؤهما بوعاء الكافرين[2]".
بناء على ماسبق يمكن أن نشير إلى أن الهدف الاستراتيجي
الجهادي المتمثل في تربية الأجيال المومنة بالله، والتي تصلح في الأرض ولا تفسد،
لا يمكن أن نحجب عنه كلما تحدثنا عن التنمية، ذلك أن هذا الأخير ما هو إلا تجلي
واقعي من تجليات ذلك الهدف، وهذا لا ينفي الاهتمام بالموارد البشرية والاستثمار في
التعليم للاقلاع الاقتصادي والتسوية الاجتماعية للناس، فذاك من آكد الواجبات ومن
أولى الأولويات، ذلك أنه لا يسلك في أذن الجائع إلا صوت يبشر بالخبز، لكن كل هذا
يلزم أن يكون خادما لفطرة الإنسان بتهذيبها وتدريبها على تكميم الجشع، وقمع الشح
وتكبيل الغرائز.
5:13 ص
الجمعة، 28 مارس 2014
إن المتتبع للواقع المغربي في الآونة الأخيرة سيستشف بما لا يدع مجالا للشك أنه يعيش غليانا لم يسبق له مثيل، وإن كانت الواجهة الإعلامية الممخزنة والمعدة بمقاسات محددة سلفا تخفي بشكل مطلق كل هذا.
إن الواقع المغربي يؤكد من جديد أن مقولة "الاستثناء المغربي" لا تعدو أن تكون وهما وهراء يسعى من يزعمونها إلى تبييض الجدار المرضوضة، وتنميق الواجهة، لكن الأرقام والإحصاءات تنطق بما لا تشتهي سفنهم، والواقع ينطق بحقيقة مرة تقف لهم غصة في حلقهم، فأينما حللت وارتحلت في كل المجالات تجد الكارثة المرة تستقبلك، وبئس الاستقبال.
احتجاجات الأساتذة المقصيين...
لقد شهدت مدينة الرباط لمدة لا تقل عن شهرين احتجاجات متواصلة بشتى الأشكال لمجموعة من الأساتذة المقصيين من الترقية إلى السلم 10 أو 11 حسب الشهادة المحصل عليها، ولا أحد يكترث لهم بدعوى أنهم لا ينضوون تحت أي إطار قانوني أو أن مطلبهم غير قانوني وليس واقعيا. إنها تبريرات واهية طبعا لا أساس واقعي وقانوني يعضدها، فباتت سياسة الأذن الصماء هي المتعامل بها مع هذه الشريحة المحرومة التي ما فتئت تعيش الأمرين منذ أمد بعيد وما زالت، بذريعة أن التعليم ليس قطاعا منتجا، وأنه يخرج المتمردين ذوي ثقافة سياسية ليس في صالح من يتحكمون في دواليب الدولة العميقة.
إن هذا الملف الذي ما زال لم تفك شفراته بعد، يوضح بجلاء أن الدولة بمفهومها الواقعي عاجزة عن التدبير الحقيقي للشأن التعليمي، بل ليس لديها أية إرادة حقيقية لذلك، في مقابل ذلك تحاول جاهدة أن تطفئ كل عريكة متقدة تنير الدرب بعصاها الغليظة وتعنتها المقيت.
انتفاضة تلاميذية تميط الستار عن هشاشة المدرسة..
قد يظن البعض بأن خروج التلاميذ في أشكال احتجاجية، ليس ضد السياسة التعليمية أو ما يسمى ببرنامج "مسار" الذي أطلقته الوزارة الوصية للمتابعة الإلكترونية لكل شؤون المؤسسة، بل فقط لعدم اكتراثهم للدراسة أو لامبالاتهم.
ويظن آخرون أنها سوء فهم للبرنامج الذي يناضلون بحذفه و...
وأقول بأن الاحتجاج التلاميذي الذي عرفته الساحة المدرسية بالمغرب لم يأت من فراغ، بل هو نتاج لأوضاع مزرية تعيشها هذه الفئة، والمتجلية في غياب بنيات تحتية قمينة بتمدرس في المستوى اللائق، وغياب مجموعة من الأساتذة بسبب الملف المشار إليه سلفا، إذ لا يعقل أن تمر سنة ويجتازها التلميذ دون أن يدرس كل المواد... أضف إلى ذلك الاكتظاظ الذي تعاني منه جل المدارس المغربية، فضلا عن غياب الأقسام الداخلية التي بمقدورها إيواء كل التلاميذ بدون استثناء فباتت المحسوبية والرشوة أحيانا هي المتسيدة على عملية الولوج إليها.
إن إمعان النظر في هذه المشاكل التي تزيد التعليم في المغرب ترهلا بينا سيضع الاحتجاجات التلاميذية في خانتها الصحيحة بعيدا عن الأحكام والتبريرات التي لا تترجم حقيقة الواقع.
الأساتذة الجدد ووضعيتهم الغامضة...
تعبيرا عن الرفض والامتعاض لسياسة التماطل واللامبالاة التي تتعامل بها الجهات المعنية حيال حقوقهم العادلة والمشروعة والمتمثلة أساسا في صرف الأجور، وتسوية وضعيتهم القانونية والمالية، وصرف أجور شهري يوليوز وغشت، فضلا عن الترسيم في السلم العاشر، والدرجة الثانية، خاضت مجموعة من التنسيقيات المحلية إضرابات ووقفات أمام النيابات الإقليمية للتعليم. ذلك أنه بعد ما يربو عن ستة أشهر أو ينوف لا أحد من المسؤوليين المعنيين حرك ساكنا واستيقظ من نومه العميق، ليستجيب لأصوات الأساتذة، مما يؤكد على أن التصعيد الاحتجاجي هو السبيل الوحيد للدفاع عن هذه الحقوق حتى انتزاعها.
احتجاجات طلابية متواصلة ومستقبل مخيف...
أصبح الطلبة في واقع "الاستثناء المغربي" لقمة سائغة أمام المشاكل البيداغوجية والاجتماعية والنقابية التي تعج بها الساحة الجامعية، ففي الوقت الذي ينتظر فيه الطالب المسكين والوافد الجديد أن يصنع لنفسه مستقبلا يليق بكرامته وينأى به عن شبح البطالة والمستقبل المخيف، يجد نفسه وسط اضطرابات نفسية لا تنتهي وتوترات سيكولوجية لا يقوى عليها، فتنهزم نفسيته وتتضاءل إرادة المقاومة.
فلا يسلك في أذن الجائع إلا صوت يبشر بالخبز، فكيف لهذا الطالب أن يجد ويجتهد في أتون هذه الأزمات الناعمة التي تعرفها الجامعة؟ وماذا عساه يفعل أمام هذه العواصف التي تهاجمه بين الفينة والأخرى؟
فلا يجد أمام نفسه إلا سبيل النضال والاحتجاج للتعبير عن الامتعاض الشديد والرفض المطلق لكل هذه المثالب المصنوعة لكي تبتر إرادة الطالب وييأس ويدب السأم في نفسيته.
الطلبة الحاصلون على الشواهد العليا، والاحتجاجات المتواصلة...
لو كانت تتحدث شوارع الرباط، لكانت أحسن ناطق رسمي عن المعاناة التي تساور شريحة من خيرة هذا البلد، ذنبهم الوحيد أنهم جدوا واجتهدوا، ليحصلوا في النهاية على شهادات تعبر عن مستواهم الثقافي والعلمي، وإذا بهم يصدمون بأمواج عاتية من المشاكل تتصدى لأحلامهم وآمالهم، وهي أن يحصل على وظيفة تحفظ له كرامته وترجع له قيمته.
ففي الوقت التي ينتظر أن يتم تشجيع البحث العلمي والرقي بالتعليم المغربي، أصبح العكس هو الحاصل تماما، مما يؤكد على أن سكة الحقيقة ما زالت بعيدة عن أصحاب القرار، وأن التغيير الذي يزعمونه وهم مصطنع ما دام قاع الإناء مخروما.
حاصل القول، إن هذه المؤشرات التي تعتبر نقطة في بحر من مظاهر الكساد، تعتبر حقيقة ناصعة عن المشهد السياسي في المغرب، وكل زعم يدحض هذا القول فهو تحريك للمياه الراكدة لا غير.
12:51 م
مثالب التنمية
تعتبر التنمية هم الجميع أفرادا ومؤسسات، بل هي الباب الذي يتوجب أن يسد، لكي يصلح ما بداخل الدار ويقوم، وهذه العملية تقتضي الوقوف عند المثالب والمعيقات، لتشخيصها والبحث عن دوائها، والنظر إليها بعين التغيير الشامل الكامل، إذ لا يسلك في أذن الجائع إلا صوت خبز يذهب عنه الجوع، ولا تنتظر ممن ساح في صحراء قاحلة أن يكترث بالتأمل والتفكر في خلقه سبحانه، ما دام الظمأ غير مروي.
فالتنمية إذن هم يجب أن يقضى لكي تكون الفرصة مواتية لعبادة الله، ومعرفة النفس، والاستعداد للسعادة الأبدية.
فاعلم أن أي بلد أثقلت كاهله هذه المشاكل، وجعلته دائما يتذيل قوائم التصنيف، والأزمات تزداد عمقا، والأوضاع تعرف ترهلا بيّنا، لا يمكنه أبدا أن ينظر للمستقبل ويؤسس لتنمية تقلع به نحو آفاق النهضة والتطور.
فعندما تغيب الإرادة السياسية الحقيقية الكفيلة بتغيير قتامة هذا الوضع وفظاعته، فلا تنتظر إلا العجب العجاب في كل شيء، سلب للحريات، وقمع للأحرار، وطمس للحقائق، ونشر للأوهام المبررة بالإيديولوجيا المفضوحة.
إنه لتدريب جيد أن يكون الإنسان صادقا مع نفسه، فمصارحة الذات ومعرفة حقيقتها هو الأس الحقيقي لبنائها، وكفى من كثرة الخطابات المعسولة، والبوح بعبارات الاستقرار والسلام والاطمئنان "العام زين"، دعونا من كل ذلك، فلا مبرر واقعي يعززه، ولا حجة تقويه، لتروي به ظمأ المواطن، وتشفي غليله، فما هي إلا أمنيات كاذبة تطلقها أفواه غير صادقة، لها مصلحتها في العلبة السوداء، وليس في صالحها تجلية الحقيقة وإبانتها.
فلا تنمية حقيقية يمكن أن نلحظها في الواقع ما لم نتصد لهذه المثالب بقومة حقيقية قوامها، بعد النظر، وشساعة الأفق، وتعزيز الصرح القيمي.
التبعية والاستهلاك
إن من فرط في أصوله الهوياتية، سواء أكانت قيمية أو فكرية، سيمنع حتما من الوصول بمقاساته الخاصة، فما دمنا لم نتحرر بعد من التبعية الخارجية، التي خلقت لدينا ثقافة الاستهلاك والخمول والكسل، فلا ننتظر إلا التفاقم والترهل في كل شيء.
فماذا عن تجربة التقويم الهيكلي في المغرب، مثلا، بشروطها وطوقها المحكم الذي يعتقد روادها أنه حل قد يطبب العليل، بينما هو علاج قاتل، مولد للحرمان، مر المذاق، وخيم العواقب السياسية؟
إن أهم عائق يحول دون تحقيق تنمية حقيقية هي الأنانية المستعلية التي تحكم قبضتها في من بيده القرار، فيغيب معها التدبير الصحيح، ويسود بذلك التيه، ومتى حل بنا الضنك نلجأ إلى شركائنا في صندوق النقد الدولي، منتظرين وصفاته السحرية وشروطه المحكمة.
إن التنمية المستوردة بمموليها وخبرائها، كالبضائع المستوردة الجاهزة، وكالتصنيع المستورد، ما هي إلا حركة على السطح وموجة لا قرار لها، فلا ننتظر من ذلك إلا الاختلال في كل شيء، في القيم، في التدبير، تفشي البطالة، هجرة الأدمغة، المحسوبية... لأن الرؤية التي تؤطر ذلك غير واضحة صواها، فبات شبح الديون يلاحقنا، حتى نقف مع ذواتنا بمنطق القطيعة الكلية لا بمنطق الإصلاح الجزئي الذي لا يعدو سمسرة في البرامج والخطط.
الدائرة الصماء
هذا المصطلح أطلق على الإنتلجنسيا التي نهلت من الفكر الغربي، فأصبحت نصيرا له ومن داعميه، وفي السياق ذاته سقت هذه العبارة لأبين أننا ما دمنا لم نصارح ذواتنا بما لنا وما علينا، ونخرج من تلك الدائرة التي تسيجنا سنكون حتما من مثالب التنمية، لأن كلمة المثقف تجر من ورائها مئات من الأتباع، فيظلون ضحايا الوهم والزيف، فمن لم ينطلق من الأصول سيمنع حتما من الوصول.
علينا أن نتصدى لتلك الدائرة المخيفة التي تكبر في أنفسنا، كلما تركناها ولم نكترث لها، إنها سم قاتل ينخر الذوات، ويبتر الإرادات، ولا بديل لنا عن النهل من قيمنا الإسلامية، فهي الأساس الذي يجب أن يحكم عملنا التنموي، بروح جهادية ننشد من خلالها إقامة دولة القرآن.
الإرث القروني
إن ما تركته قرون من الفساد والكساد، في كل المجالات ومناحي الحياة، سيشكل مثلبا كبيرا أمام جند الله عندما "سيجدون على كاهلهم عبء الدولة ومسؤولية إنجاز ما لم ينجزه الظالمون" [1]، فلا تكفي إذن خطابات التشخيص للشجب والتعبير عن الامتعاض، وإنما الأمر أكبر من ذلك، يتجلى في بلورة تصورات بديلة برؤى توافقية يشترك فيها الجميع من فرقاء وغيورين.
تعتبر هذه بعض المثالب الكبرى التي لا شك أنها ستشكل عائقا حقيقيا أمام أية محاولة تنموية، إن لم نعد لها حلولا آنية واستراتيجية، تخفف من حدتها وأثرها العويص، على الوجود الإنساني.
وكل هذا من أجل أن يتغير مفهوم المواطنة في أتون هذه الظروف المصطنعة، لينتقل من مواطنة مادية زائلة، إلى مواطنة قلبية ذات أفق شاسع، تبتغي رضا ربها عز وجل، ضمن تركيبة نفسية وسياسية واجتماعية وفكرية، قوامها القرآن والمحجة البيضاء.
12:44 م
الخميس، 27 مارس 2014
التنمية في المشروع المجتمعي التغييري.
بقلم رشيد أمشنوك
إن التنمية التي يتوجب أن ينشدها المرء، هي تنمية تشيد
له صرحا قويا لإرداته لتنجيه من نزوات النفس وشهواتها وتعينه على معرفة معنى وجوده،
و كل هذا في إطار مشروع مجتمعي قوامه القرآن الكريم والمحجة اللاحبة، يكون نبراسا
تستنير به الإرادة الفردية والجماعية على حد سواء وفق رباط إيماني وثيق، و اقتناع
بموعود الذي لا ينطق عن الهوى صلوات الله و سلامه عليه.
إن النظر إلى موضوع التنمية يقتضي التسلح بإيواليات
تحليلية تقي الناظر الوقوع في مغبة الإختزالية والرؤية القاصرة، فما أحوجنا إذن
إلى إطار نظري و مفاهيمي مؤثل على أساس مكين و مؤطر بأصالة الشرعة و المنهاج، إذ
الأهمية هذه أملتها علينا ضرورة الاحتراز من التصورات المؤدلجة التي أسست لفكر مادي يخاطب الإنسان كجثة مادية
تفنى بفناءه، وأخرى لا تعير للأشر والبطر بصيصا من الاهتمام والاكتراث ، معتقدة أن
التنمية تتأتى وفق إصلاحات سياسية صرفة فحسب.
إن هذه الهوة القائمة بين التنمية كوجود فكري و التنمية
كوجود في الواقع الإمبريقي يستدعي الأمر رأبها بوضوح فكري تام، يكون شاملا لكل
قضايا الإنسان بدون استثناء، ومن ثمة يمكن أن يكون نظرنا لموضوع التنمية لاحبا و
شاملا.
فما عرفه تاريخ الأمة من انكسار تاريخي لا يمكن التنكف
عنه لبلورة تصورات بديلة في قضية التنمية، و إلا فكل حديث بغير ذلك الأساس سيفضي
بنا إلى سياسة القاع المخروم والتدبير المبتور في إرادة أصحابه ورواده، فنجاح
التنمية في المجتمع قمينة بتموقعها النظري والواقعي في مشروع مجتمعي قائم على قسمة
الأرزاق بشكل عادل ووفق قناعات تربوية تقويه، تنأى بالفرد عن عنجهية نفسه
وأنانيتها المستعلية وخمولها المفضل.
فقد يتساءل متسائل
عن أي تنمية أتحدث في هذا الموضوع ؟
أخي القارئ، أختي
القارئة، ضعها في أي محل تريد، فالمسألة ليس في المجال ولا في الألوان التي تتسربل
فيها، والأشكال التي تتدثرها، لكن في المرتكزات التي تقوم عليها.
لا يتنكب جند الله
دور الأسس اللوجستيكية المادية، ولا العمل بالأسباب التدبيرية والتخطيطية، ولكن
ماذا ننتظر من قاع مخروم؟ وماذا عن مياه بركة منبعها معكر بالشوائب والأسمال؟
إن التخطيط و
التدبير بما هما أسلوبين لا يمكن تخطيهما لتشييد صرح تنمية حقيقية، يلزم أن يكونا
مؤطرين بإرادة واعية وفعل مسؤول، مقوادهما علم منهاجي يقرأ الواقع على ضوء القرآن
الكريم والسنة النبوية الشريفة، ويجيب عن كل التساؤلات التي تعج بها الساحة
المجتمعية، و يصحح مسار الحركة التاريخية
صوب الوجهة الصحيحة.
إن التنمية بهذا
الأساس تترجم حقيقة وجود الإنسان، وتدله على طريق معرفة الله عز وجل، وكل فعل
تنموي له بعد قيمي وتربوي يخدم هذا الهدف و يغذيه.
تأسيسا على ما سبق يمكن أن نخلص إلى أن الخطاب التنموي
يقتضي صفاءه، السير على منوال الفكر المنهاجي الصافي، الذي يستمد أصالته من المعين
الأبلج الذي لا ينضب، و كل من شرب منه ما ظمأ بعد ذلك أبدا. فما أنتجته المدرسة
الغربية في هذا السياق من نسق فكري في مجال التنمية يلزم استحضاره لتعريته والكشف
عن حقيقته، والبوح بما يتأثل عليه من نظريات، حتى لا يظن الجميع من المهتمين بهذا
الشأن بأنه هو المخرج وما لنا من بديل، فضرورة اقتلاع هذه التمثلات الجمعية من
جذورها التي خلفتها سنون من التعبئة الفكرية، خطوة أولى لبناء تصور شامل حول موضوع
التنمية.
وتبني الوضوح الفكري سينعكس حتما على السلوك التنموي
الشامل المؤطر بمبادئ أخلاقية وإنسانية، كما يمكن أن يساهم في رص الصفوف والحد من
التشردم الفكري والتنظيمي الذي تعرفه المجتمعات الإسلامية وفق رباط دعوي مشترك
يصطلح عليه الميثاق، عندئد يمكن أن يكون للتنمية عنوان في المشروع التغييري
المنشود والذي ستسهر على أجرأته الطليعة المجاهدة بيقين تام لا سمل يشوبه.
4:54 م
الاثنين، 3 مارس 2014
نظرتان إلى التنمية
بقلم: رشيد أمشنوك
أصبح الحديث عن التنمية في عصرنا الراهن من الأمور المهمة، والتي تفرض نفسها على كل من أراد إصلاح المجتمع والنهوض بشؤونه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. بيد أن هذا الحديث يختلف من شخص إلى آخر، ومن مقترب إلى آخر مضاد، فبات التيه والاختزال يساور البعض، والحكمة والشمولية في التناول يميز الآخر. فلكل معينه ومنهله الذي منه يمتح، ولكل أساسه وعموده الذي يؤثل عليه مشروعه.
كل هذا حدا بنا إلى طرح السؤال، لنفض الغبار عن هذا الموضوع، لعل الطلاسم التي تكتنف النظرة إليه تنمحي وتحيد، ويكشف الزيف من الحقيقة، والسم من الإكسير.
فما هي التنمية؟ وما أنواعها؟ وما هي الأسس التي يقوم عليها كل نوع على حدة؟
إن محاولة الإجابة عن مفهوم التنمية بشكل جامع مانع، لا ينتابه شك ولا ارتياب، ستبدو ضربا من التخبط والعبث، فمفهوم التنمية هو مفهوم ما فتئت تؤكد العديد من الأقلام الأكاديمية أنه مفهوم انفلاتي وغامض، فظلاله وارفة، ومجالاته واسعة وشاسعة، فتارة يستعمل بمعناه الرأسمالي، الاقتصادي، المادي، وتارة أخرى بمدلوله الاجتماعي، الثقافي، الشخصي، وأحيانا كثيرة من زاوية مجالية، هوياتية، وفكرية... فماذا عسانا نحدد إذن؟
إن أهم سمة يتسم بهذا المفهوم هي الشمولية، والتي جعلته عصيا عن التسييج والتحديد، بيد أن أغلب المهتمين تناولوه بمقترب شمولي، لااختزالي، يفيد أن التنمية ديناميكا اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، سياسية... تعرفها المجتمعات بسبب مثيرات معينة، قد تكون خارجية أو داخلية، فتطرأ عليها تغيرات معينة وفق السياق الذي أتت فيه، وغالبا ما تكون بنيوية، تشمل البنية الفكرية والمادية للإنسان.
إذا كانت التنمية هي كذلك، فما هي أنواعها؟
لا أريد من خلال الإجابة على هذا السؤال الحديث عن أنواع التنمية من حيث مجالاتها، والجوانب الإنسانية التي تشملها، ولكن سأركز النظر على أنواعها من حيث علاقتها بالإنسان ومعنى وجوده، ورسالته الاستخلافية. وهنا تتباين الآراء وتتعدد المزاعم، فمنها ما ينظر إلى التنمية كعملية مادية محضة، تتغيى توفير الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمرء لكي يعيش في رغد ويحيد عنه الكمد والضنك فحسب، أي بمعنى آخر، أن أتنعم بخيرات الدنيا وملذاتها ولا هم لي بما سيأتي من بعد، فكل ما في الحياة هو الدنيا وما بعدها عدم، ولا وجود لعالم اسمه البرزخ كما يزعم الناس. وبخلاف هذا هناك من يعالجها من منطلق آخر، يتميز بالشمولية، والأصالة والإجرائية، يفيد أن التنمية بما هي رغد العيش، ومعافسة شؤون الحياة، والتنعم بخيراتها، لا يجب أن ينسينا همنا الأكبر وهو الاستعداد للقاء الله عز وجل، فالمولى جلت قدرته "خلق الإنسان وهيأه لكرامته في الدنيا باعتباره من بني آدم، كما هيأه للخلود في النعيم، أو العذاب في دار الخلود جزاء كسبه هنا، ومن عناية ربنا جلا وعلا بالإنسان، وحدبه عليه، أن بعث إليه رسلا بلغوه أن له ربا، وأن ربه لا يريد له أن يشرك به شيئا، ولا أن يظلم الناس، ولا أن تستفزه الدنيا فينسى الآخرة، ولا أن تغره قوته فيستعبد الضعيف، ولا أن تأخذه الشهوة والحس والمتاع فينسى أن له قلبا على صلاحه مدار سعادته في الدنيا والآخرة" [1].
من خلال هذا الكلام الذي تشنفت به مسامعنا، نستشف أن التنمية لا يجب أن نختزلها في البعد المادي المحض، ونفرغ الإنسان من روحه وجوهره، ومساهمين في تقويض أساسه، بل علينا أن تكون نظرتنا أكثر شمولا واتساعا، وذات أصالة نبوية وقرآنية شافية، تعلي من شأن الإنسان، وتقويه على تخطي عقبة الغرائز والشهوات الدنيوية، وترفع عنه الظلم والحيف، وتدعوه لمحاسبة نفسه، ووزنها بميزان الدنيا والآخرة.
فالتنمية إذن وفق ما أشرنا اليه آنفا، تتراوح بين تصورين أساسيين، مقترب رأسمالي مادي "يطلق العنان لحرية الإنسان في ممارسة غرائزه بصفة منظمة... ويقسر على حياة حيوانية أقل تهتكا في زعمها، وتقف الكرامة الإنسانية المطلوبة هنا وهناك في شقي الجاهلية عند ضمان المعاش، ورفع مستواه، وتوفير البضائع والأسلحة اللازمة للدفاع عن هذا المستوى. حقوق للمتعة، حضارة بلا غاية" [2].
ومقترب تربوي وروحي، يجعل الإنسان كائنا كريما، ذا رسالة تحرره من شهوانية فانية، وبهيمية زائلة، وتنأى به عن "مادية تجحد وجود الله، تنكره، وتفلسف العبثية" [3]، داعية إياه إلى التزود للمعاد، وطالبا معرفة الله فهو البديل الحق، أما "ظلام المادية دامس، ووجه الحضارة الصاخبة كالح عابس" [4].
جملة الكلام، إن التنمية الحقيقية ليست تلك التي تفقد كينونة المرء معناها، وتشل إمكاناته، وتغني فيه البهيمية والحيوانية، في أتون حضارة صاخبة، وأزمات نفسية ناعمة، وإنما التنمية الحقة هي التي تدعونا ليتفقد أمر بعضنا البعض، ويشكو بعضنا لبعض لواعج الشوق إلى الله، والتواصي به سبحانه، والصبر مع الذين يريدون وجه الله، فإنه الترياق والبلسم الشافي. فأما التنمية بما هي تغيير مادي فلا تعدو أن تكون عرضا سطحيا سرعان ما ينمحي ويضمحل، بانمحاء ذلك القفص المادي الذي يسيجها.
4:17 ص
السبت، 1 مارس 2014
مهام الأسبوع الثالث/التدريب الإلكتروني.
الخبر: نضوب العيون المائية بجماعة تالكجونت، تجف معها أحلام الفلاحين الصغار.
عرفت جماعت تالكجونت في الآونة الأخيرة مجموعة من التغيرات الاجتماعية اناخت بكلكها على مصادر رزق الفلاحين، فأدت إلى نضوب مجموعة من العيون المائية، و يعزى السبب في نظر مجموعة من سكان المنطقة المعنية إلى الضيعات التي اكتسحت المجال في السنوات القليلة الماضية، بالإضافة إلى توالي سنوات الجفاف.
ما يزيد التربة في نظر من حوارناهم هو تغاضي السلطات المحلية عن هذه المشاكل التي بإمكانها كما قال آخرون إلى جعل المنطقة في السنوات المقبلة عبارة عن صحاري و فيافي قاحلة.
في السياق يعبر العديد من الفاعلين الجمعويين الذين يشتغلون داخل المجال عن رفضهم و امتعاضهم لهذه السياسة التنموية التي تعمل وفقها الجماعة المحلية بالمنطقة.
12:00 م
الخميس، 20 فبراير 2014
مهام الأسبوع الثاني: التدريب الإلكتروني.
معطيات
حول الموقع الناشر للخبر:
الموقع: هسبريس،
موقع إلكتروني و إشهاري مغربي يصنف ضمن أول موقع في العالم العربي، و و يتجدد على
مدار الساعة.
الشكل: اللون:
الأزرق هو الطاغي.
المكونات:
·
اخبار في الخانات الأولى مرفقة بالصور.
·
المقالات في أسفل الموقع.
·
الفيديوهات في العمود الأيسر للموقع، بالإضافة إلى
المقالات في الأسفل.
·
العمود الذي يوجد باليمين: في الاعلى توجد به قصاصات
إخبارية، و في الأسفل توجد مقالات كتاب هسبريس المشهورين.
البطاقة
التقنية للتقرير الخبري الذي قمت بإعادة كتابته بطريقتي الخاصة.
الخبر: حقوقيون يطالبون بتوقيف نزيف الفساد عبر تفعيل الأحكام الرادعة
المخبر: طارق بنهدا و الصورة لمنير امحيمدات.
الحدث
والجهة المنظمة و الموضوع الزمان و المكان: تنظيم ندوة من طرف رابطة الصحفيين
الاستقلاليين حول موضوع نهب المال العام، يوم الأربعاء بالرباط.
شكل
التقرير الخبري:
· في بداية التقرير تحدث عن خلاصة الندوة و ما تم التقرير فيها
بشكل مقتضب.
· و في مايلي من التقرير الخبري تحدث باستفاضة عن ما قدمه
المتدخلين الحقوقيون من مواقف حيال المشهد السياسي و الحقوقي في المغرب، و كانت
المداخلات حسب ما وورد في التقرير على الشكل التالي: مداخلة : رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام
المسكاوي ، ومداخلة رئيس
العصبة المغربية لحقوق الإنسان محمد زهاري، و أخيرا مداخلة الخبير القانوني والمحامي
محمد شماعو.
إعادة الخبر بطريقتي الخاصة:
العنوان: ندوة حقوقية بالربط: وقف نزيف الفساد رهين بتفعيل أحكام الردع.
لقد أجمع كل المتدخلون
الحقوقيون في الندوة التي تم تنظيمها بالرباط يوم الأربعاء حول موضوع نهب المال
العام، و التي دعت إليها رابطة
الصحفيين الاستقلاليين على أن ما خلفته 50 سنة من
الفساد لا يمكن أن يحدث في مدة وجيزة، مقدراها خمس سنوات، و آخذوا كذلك على
الحكومة التي يقودها بنكيران غياب الإرادة السياسية الكفيلة بتحقيق تغيير جوهري في
المشهد السياسي و الحقوقي المغربي. ليخلصوا
في الأخير إلى أن الضرورة باتت تفرض ذاتها على كل الفاعلين للتصدي لهذا النزيف من
الفساد الذي يعرفه الحقل الحقوقي و السياسي في المغرب.
لقد سجل محمد مسكاوي رئيس
الشبكة المغربية لحماية المال العام، من خلال مداخلته أن الحكومة الحالية لا تملك
أية إرادة سياسية كفيلة بوقف الفساد، و أضاف ان كل ما ثم القيام به لا يعود أن
يكون سياسة مبتورة و ناقصة لا تفي بالغرض، وفق تعبيره.
و أضاف أنه لو تعاملت الدولة مع
ملف الفساد بشكل حازم و قانوني، لكفاها شر الأزمة التي تلاحقها، ذلك أن 200 مليار
دولار درهم في نظر المتدخل يمكن أن ترجع إلى خزينة الدولة ، إذا ما تمت معاقبة
المتورطين و محاسبتهم وفق المساطر القانونية.
كما لم يفته حديثه عن ذلك
المشهد، أن يعبر عن رفضه للسياسة التي يعمل بها بنكيران و التي تتلخص في "عفا
الله عما سلف"، مؤكدا أن المسألة يجب أن تؤخذ بكل حزم و جدية للخروج من هذه
البوتقة التي باتت تسيج في زعمه كل المبادرات الإصلاحية.
و طالب الناشط الحقوقي في
الأخير كل من يشرفون على المجلس الأعلى للحسابات بقيامه بالدور المنوط به بشكل
فعال و خلاق، تلافيا لحصر عمله في الأرشفة
فحسب، يضيف المتدخل.
و تساءل الفاعل الحقوقي عن
الأسباب الثاوية من وراء عدم متابعة الدولة لمهربي المال العام سنة 2011، مشيرا
إلا أن المغرب لم يوفق في مبادرة إصلاحه السياسي دون أن يكترث لبعد أكثر أهمية إنه
البعد الاقتصادي.
على نفس الشيء يؤكد محمد زهاري رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان،
معتبرا أن نفس النهج الذي سارت عليه الدولة في تعاملها مع ملف انتهاكات حقوق الإنسان
في سنوات الجمر و الرصاص، تتعامل به مع ملف انتهاكات المال العام.
و
يضيف هو الآخر أن سياسة الدولة حيال مهربي الأموال هي سياسة الصفح و العفو، و هذا
لا يصلح في نظره للسياسة الاقتصادية للبلاد، فالأمر يقتضي في زعمه إعمال قوانين
رادعة تقف صد منيعا أمام هذا المزيف الذي عرفه البلد في الآونة الأخيرة.
و لقد سجل الناشط الحقوقي زهاري
غياب أي دراسة دقيقة و موضوعية تخص المفسدين المستفيدين من العفو الملكي، و تساءل
عن السبب الذي منع الملك من رسالة رئيس الحكومة لمتابعة هذا الملف.
من جهته، تحدث محمد شماعو،
الخبير القانوني والمحامي، عن الدور السلبي الذي
تضطلع به الكتل السياسية في ارتباط الوثيق بلوبيات الفساد، مما جعله يستنتج أن
الجهوذ تحتاجها البلاد للقضاء على هذا الأخطبوط تفوق حجم الثورات الجذرية في
العالم، ليستطرد حديثه قائلا أن 50 %من المفسدين ما زالوا مستمرون في
الحكومة من الاستقلال، مما يفسر في نظره أن سلوكاتهم تفوق القوانين التي تسنها
الحكومات.
11:37 ص
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)