منبر لمتابعة المشهد السياسي العربي



نظرية الاستبداد و وهم التنمية
بقلم رشيد أمشنوك
يعتبر موضوع الاستبداد إيوالية تحليلية لا يمكن التنكف عنها لكل مقبل على تحليل معطى سياسي في البلدان العربية بالخصوص، فهي سمة تطبعت بها الأنظمة السياسية بالعالم العربي، و فهم هذه الأخيرة لا يتم إلا بالتسلح بإطار نظري، وهذا ما أسميته ب”نظرية الاستبداد”، أما عن وهم التنمية كمفهوم آخر ، فهو لا يعدو أن يكون إلا نتيجة ميكانيكية لحالة تستبد فيها الأفكار و الأفعال و تنجز المشاريع التنموية وفق مقاسات المستبدين الطغاة، التي غالبا ما تكون كذبا على الذقون. و سياسة حفر الآبار في عمق الصحاري القاحلة.
وقفة مع المفاهيم: 
يقصد بالاستبداد لغة: غرور المرء برأيه، و الأنفة عن قبول النصيحة، أو الاستقلال في الرأي و في الحقوق المشتركة، أما اصطلاحا فيدل عادة على الجور و  الظلم و الاستحواذ على خيرات العباد بدون حسيب و لا رقيب، فيكثر الكساد، و يقوض بناء العدل و المساواة و تطغى النزوات في الحكم و التدبير، فلا يحق للعبد أن يتكلم و يبدي بالمخالف من الرأي، و يصبح الإنسان حينها عبيدا محنطا، منساقا بهراوات الفكر و التخويف.
أما عن وهم التنمية، فلا يرتفع عن مستوى الاستبداد و لا ينزل عنه، إذ هو مظهر من مظاهر الاستبداد، فعندما تجف الإرادة فعن أي حياة سنتحدث؟، و إن كانت فستكون بمقاسات منخورة ومبتورة، على أساس هش مؤثلة، و بمجرد أن تبتغي منها الحقيقة المرجوة إلا و ستفتضح في حينها. وهذا ما أطلقت عليه ب”الوهم”، لأن إيهام الناس بأن تغييرا حقيقيا قد وقع، و أن الزمن هو زمن الاستثناء، وما تحقق لم يكن منتظرا، وهلم جرا من الأطروحات…لم تفي بوعدها فتخلفت عن التاريخ وتخلف عنها التاريخ. فباتت تستعمل كإوالية تحليلية لمعطيات سياسية تستجد بالمشهد السياسي من حين لآخر، مبررة إياها ومعززة أساسها المصطنع
اثنان لا يجتمعان…
عجبا لمن يرى حلكة الليل في ضوء النهار، فالتنمية و الاستبداد لا يجتمعان، كالحقيقة و الكذب لا ينسجمان، فكل معطى ينحو منحاه وما لهما من ملتقى، إلا إن اصطنع وخلق،
وهذا يعني الإيهام بالصواب و سياسة التنويم، فالتنمية تشي بوجود فضاء حر، و روح ديمقراطية في التدبير، و إرادة مسؤولة في البناء الفعال و بالقيم مكين. قيم الوفاء و الاعتراف بالغير و العدل و المساواة للجميع، لا إقصاء يُعمل و لا فتنة تُشعل، الكل على حدب حب الاختلاف و السعي نحو بناء أمثل لمشروع مجتمعي، قوامه التغيير الحقيقي.
بهذا الأساس فالتنمية الحقيقية رهينة بتقويض صرح الاستبداد، و تبديد بنيته، بمنطق كلي، لا بمنطق الجزئيات، بحيث تواجه الكليات الاستبدادية بكل مظاهرها، بكليات تغييريه، قوامها الوضوح و المسؤولية و الإحسان، و ممتوحة من المعين الرباني ، و المحجة البيضاء النبوية، لكي نكون بالفعل أمام إنجاز تاريخي بمقاسات استثنائية حقيقية، تتحرر فيها الأفكار من الإصلاحية المقيتة، و الوصولية المشينة، مستشرفة غذ الإصلاح الكامل، الموشوم بالحرية الكاملة و المتحررة من مكبلات الانصياع و التبعية المفروضة

0 التعليقات:

إرسال تعليق

فيديــــــــــــــــو الأسبــــــــــــــــــوع